يستأنف أساتذة الطور الثانوي وبشكل رسمي التدريس، اليوم، تطبيقا لقرار المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، فيما استأنف، أمس، بعض الأساتذة عملهم، عبر عدد من ثانويات الوطن، بسبب انتهاء مهلة وزارة التربية الوطنية التي أعلنتها للشروع في شطب المضربين من قوائم الوظيف العمومي، لكل من يتغيب عن الأقسام أمس الثلاثاء، كما أسقطت الوزارة الوصية جملة من العقوبات تتعلق بخصم خمس أيام من راتب شهر مارس، وشطب بعض الأساتذة المؤطرين لعمليات الإضراب في ثلاث ولايات.
وأقرت من جانبها، وزارة التربية الوطنية أرمادة من الإجراءات العقابية المترتبة عن الإضراب الذي شنته نقابتي الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين والمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، حيث باشرت الوصاية خصم خمسة أيام من راتب شهر مارس، وأرسلت، أمس، الإعذار الثاني للأساتذة لعدد كبير من الثانويات، مع اللجوء إلى توقيفات في بعض الولايات، على غرار، أم البواقي، الجلفة والأغواط، في إطار الضغط والتخويف.
رفع مدراء المؤسسات التربوية تقاريرهم المفصلة عن الأساتذة والمعلمين المضربين من أجل تطبيق الإجراءات المتخذة ضد الأساتذة المضربين من أجل تكليف المقتصدين على مستوى مديريات التربية باقتطاع الأجور لمدة خمسة إلى سبعة أيام كاملة، حسب مضمون التقارير، وهو ما يساوي مبالغ تتراوح ما بين 5 آلاف دينار 8 آلاف دينار، وعليه فإن ما سيصب من الزيادات الجديدة في رواتب شهر مارس بخصوص زيادات المنح والعلاوات المقدرة ما بين 570 دينار و6300 دينار، سيقتطع كعقوبة بسبب الإضراب الذي أقرت العدالة بوقفه، وسيؤثر ذلك في تحصيل حوالي 500 ألف أستاذ ومعلم أجور شهر مارس، حيث أنه عادة ما تصب الرواتب ما بين 12 إلى 14 من كل شهر، و20 من كل شهر لباقي الأسلاك. وبذلك ستكون مبالغ الاقتطاعات تفوق ما يتم ضخه من زيادات في الأجر التي لن يشعر عمال قطاع التربية بأثرها.
وفي ذات السياق، فند، مسعود بوديبة، المكلف بالإعلام بالمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، في تصريح لـ "الشروق"، رضوخ الأساتذة لتهديدات وزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، واعتبرها غير قانونية ومخالفة للتشريعات، موضحا أن قرار المجلس الوطني للنقابة في دورته الطارئة المنعقدة، أول أمس، وإلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس، خلص إلى العودة إلى التدريس، بداية من الأربعاء، وقال "نحن نلتزم بقرار المجلس الوطني وليس بقرار وزير التربية الذي هدد بفصل المتخلفين يوم الثلاثاء".
وأكد المتحدث بأن دورة المجلس الوطني التي تواصلت أشغالها، إلى غاية الساعة الثالثة من صباح أمس، تميزت بنقاش ساخن لدرجة كبيرة، عقب تمسك 22 ولاية بمواصلة الإضراب فيما نادت 23 ولاية بتعليق الإضراب إلى حين، مضيفا بأن المحاضر تكافأت بنسبة 50 بالمائة لكل جهة، من أصل 1360 محضر جمعية عامة، يمثلون 1360 ثانوية كانت متواجدة داخل دورة المجلس الوطني بوثائق مكتوبة، وأوضح بوديبة أن المداولة تمت بنقاش ساخن وأجواء ديمقراطية في النهاية وافق المجلس بدراسة كل الأمور وأنه يجب توقيف الإضراب.
واعتبر بوديبة أن تعليق الإضراب يرجع إلى ضرورة تجاوز ذات الظرف والأوضاع الغامضة، مضيفا "خاصة وأن السلطات أرادت جرنا إلى ميادين سياسية نحن في غنى عنها، ونحن نقابة مطلبية نبقى في هذا المجال، لا نريد أن نكون لعبة في يد أطراف في الحكومة أرادت جرنا إلى حقل سياسي".
وقال مسؤول نقابة "كنابست" بأن التخوّف من الشطب لا معنى له "لأن الإضراب قانوني ولدينا ثقة في العدالة، والإجراء بعيد كل البعد عن التنفيذ، ولكن تخوفنا هو الوضع الغامض، فيجب وقف الإضراب وتقييم النتائج وتبقى مطالبنا هي الملفات الثلاثة المرفوعة"، موضحا بأن العودة إلى الحركة الاحتجاجية أمر يبقى قائما، خصوصا إذا لم تثبت نية في تحقيق المطالب الثلاثة، "نريد التأكد من الأمر بخصوص الخدمات الاجتماعية، وملف التعويضات لا يزال قائما بالنسبة لنا، حيث لم يحترم الاتفاق بشأنه وكذا طب العمل نتطلع لنتائجه".
ودعت نقابة "كنابست"، أمس، إلى عقد الجمعيات العامة لمعرفة السبل الخاصة بتطورات الإضراب والعقوبات التي طالت رواتب المضربين والتوقيفات لعدد من الأساتذة، وستنهي الولايات جمعياتها العامة، اليوم، وتحرر محاضر ترفع للمجالس الولائية لتحديد تاريخ المجلس الوطني عما قريب في دورة طارئة.
وقال المكلف بالإعلام بنقابة "كنابست" إن خصم 5 أيام من شهر مارس يعتبر تعسفا في استخدام القانون وتخويف من أجل كسر الحركة الاحتجاجية "قانونيا لا يجوز والقانون يسمح بـ 3 أيام في الشهر"، مضيفا " كما أن التوقيفات غير قانونية وتعسفية".
كشف رئيس النقابة الوطنية لعمال التكوين المهني جيلالي أوكيل في تصريح لـ"الشروق" أن نسبة الإستجابة لليوم الأول من الإضراب الذي دعت إليه النقابة قدر بـ 30 بالمائة عبر كامل مؤسسات التكوين المهني، وترفع النقابة عددا من المطالب متمثلة في المطالبة بإعادة النظر في القانون الأساسي للأسلاك المشتركة، حيث أن بعض الرتب حرمت من الترقية وخاصة التقنيين السامين، إلى جانب المطالبة بدفع مختلف المنح والتعويضات بأثر رجعي ابتداء من جانفي 2008، ورفع منحة المردودية بالنسبة لموظفي الأسلاك المشتركة، والعمال المهنيين إلى 40 بالمائة، إلى جانب رفع سن تكوين الموظفين في الخارج إلى 55 سنة، مع الإبقاء على شروط التقاعد المسبق المعمول به حاليا ورفض أي تعديل فيه، وكذا المطالبة بإدماج المقتصدين بعد تكوينهم كمقتصدين مسيرين وكذلك إعادة النظر في إدماج نواب المقتصدين وأعوان المصالح الإقتصادية بعد إجحاف حقهم في القانون الأساسي الخاص بموظفي التكوين المهني.